• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

ونحن أقرب إليه (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "9")

ونحن أقرب إليه (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها 9)
د. زياد بن حمد العامر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/8/2018 ميلادي - 20/11/1439 هجري

الزيارات: 38918

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سلسلة آيات العقيدة المتوهم اشكالها (9)

﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ ﴾ [ق: 16]

 

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: بيان وجه الإشكال في الآية.

المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال.

المطلب الثالث: الترجيح.

 

المطلب الأول: بيان وجه الإشكال في الآية:

قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 16، 17]، وقال تعالى: ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الواقعة: 83 - 85].

 

يتمثَّل وجه توهُّم الإشكال في هاتين الآيتين في قوله تعالى: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ... ﴾ هل تعتبران من آيات الصفات أم لا؟ وهل القُرْب هنا هو قرب الله عز وجل أم قرب غيره؟ وما صحة ما نُسِب إلى بعض أهل السنة من التأويل فيهما؟ وهل التأويل فيهما من التأويل المذموم أم لا؟ هذا ما أحاول بيانه في المسائل التالية.

 

المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال:

اختلف أهلُ العلم من السلف والخلف في هاتين الآيتين[1]، وأمثالهما على ثلاثة أقوال [2]:

 

القول الأول: أن هاتين الآيتين ليستا من آيات الصفات، والقُرْب المذكور فيهما هو قرب الملائكة وليس قرب الله عز وجل، وممَّن ذهب إلى هذا القول الطبري في قولٍ له [3]، وابن تيمية في قولٍ له[4]، وأحد القولين لابن القيم[5]، وبه قال ابن كثير، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ[6]، وابن عثيمين[7].

 

قال ابن كثير: "قوله: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾؛ يعني: ملائكته تعالى أقْرَبُ إلى الإنسان مِن حبلِ وريده إليه، ومَنْ تأوَّلَه على العلم، فإنما فرَّ لئلا يلزم حلولٌ أو اتِّحاٌد، وهما منفيان بالإجماع، تعالى الله وتقدَّس، ولكن اللفظ لا يقتضيه؛ فإنه لم يقل: وأنا أقرب إليه من حبل الوريد؛ وإنما قال: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ كما قال في المحتضر: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الواقعة: 85]؛ يعني: ملائكته" [8].

 

ومما استدلوا به:

1- أنه "ليس في القرآن وَصْفُ الربِّ تعالى بالقُرْب من كل شيء أصلًا؛ بل قُرْبُه الذي في القرآن خاصٌّ لا عامٌّ"[9]، فلم يرِدْ في النصوص أنه سبحانه قريبٌ من الكُفَّار والفُجَّار[10].

 

المناقشة:

إن هذا استدلال في محل النزاع، فهاتان الآيتان تدلَّان على قُرْب الله من غير المؤمنين، وليس في القرآن حصْرُ قُرْب الرَّبِّ سبحانه بالمؤمنين.

 

2- أن ممَّا يدلُّ على هذا القول "أنه ذكره بصيغة الجمع، فقال: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ﴾ [الواقعة: 85] ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16]، وهذا كقوله سبحانه: ﴿ نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾ [القصص: 3]، وقال: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ ﴾ [يوسف: 3]، وقال: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [القيامة: 17 - 19]، فإن مثل هذا اللفظ إذا ذكره الله تعالى في كتابه، دَلَّ على أن المراد أنه سبحانه يفعل ذلك بجنوده وأعوانه من الملائكة؛ فإنَّ صيغة "نحن" يقولها المتبوعُ المطاعُ العظيمُ الذي له جنودٌ يتَّبِعون أمرَه، وليس لأحد جُنْدٌ يُطيعونه كطاعة الملائكة ربَّهم، وهو خالقُهم وربُّهم، فهو سبحانه العالم بما تُوسْوِس به نفسُه وملائكته تعلم؛ فكان لفظ "نحن" هنا هو المناسب" [11].

 

و"هذا مثل قوله: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾ [يوسف: 3]، وقوله: ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 18]، فإن جبريل عليه السلام هو الذي قصَّه عليه بأمر الله، فنسب تعليمه إليه إذ هو بأمره" [12].

 

المناقشة:

إن التعبير بصيغة الجمع لا تدلُّ على حصر القُرْب في الملائكة دون الله عز وجل؛ بل القُرْب يتناول قُرْبَ الله وملائكته، كما سيأتي في الترجيح، وهذا مثل "قوله: ﴿ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴾ [ق: 16]، فإنه سبحانه يعلم ذلك، وملائكته يعلمون ذلك، كما ثبت في "الصحيحين" عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((إذا هَمَّ العَبْدُ بحسنةٍ كُتِبَتْ له حسنة، فإنْ عمِلَها كُتِبَتْ له عشر حسنات، وإذا همَّ بسيئةٍ لم تُكتَبْ عليه، فإنْ عمِلَها كُتِبت عليه سيئة واحدة، وإنْ ترَكَها لله كُتِبت حسنة))[13]، فالملك يعلم ما يهمُّ به العبد من حسنة وسيئة، وليس ذلك من علمهم بالغيب الذي اختُصَّ الله به ... وقرب الملائكة والشيطان من قلب ابن آدم ممَّا تواتَرَتْ به الآثارُ، سواء كان العبد مؤمنًا أو كافرًا" [14].

 

3- أن "سياق الآيتين يدُلُّ على أن المراد الملائكة؛ فإنه قال: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 16 - 18]، فقيد القُرْب بهذا الزمان، وهو زمان تلقِّي المتلقيَينِ: قعيد عن اليمين، وقعيد عن الشمال، وهما الملَكانِ الحافظانِ اللذان يكتبان؛ كما قال: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾، ومعلوم أنه لو كان المراد قُرْب ذات الربِّ، لم يختصَّ ذلك بهذه الحال، ولم يكن لذكر القعيدين والرقيب والعتيد معنًى مناسبٌ.

 

وكذلك قوله في الآية الأخرى: ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴾ [الواقعة: 83 - 85]، فلو أراد قُرْبَ ذاته لم يخصَّ ذلك بهذه الحال، ولا قال: ﴿ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴾، فإن هذا إنما يُقال إذا كان هناك من يجوز أن يُبصَر في بعض الأحوال؛ ولكن نحن لا نبصره، والربُّ تعالى لا يراه في هذه الحال لا الملائكةُ ولا البَشَرُ...

 

ولا يجوز أن يُرادَ به قرب الربِّ الخاصِّ؛ كما في قوله: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 186]، فإن ذاك إنما هو قربه إلى من دعاه أو عَبَدَه، وهذا المحتضر قد يكون كافرًا أو فاجرًا أو مؤمنًا أو مقربًا؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ﴾ [الواقعة: 88 - 94]، ومعلوم أن مثل هذا المكذِّب لا يخصُّه الربُّ بقُرْبِه منه دون مَنْ حولَه، وقد يكون حوله قومٌ مؤمنون؛ وإنما هم الملائكة الذين يحضرون عند المؤمن والكافر" [15].

 

المناقشة:

إن سياق الآيتين لا يمنع أن يشمل المعنى قرب الربِّ بعِلْمِه، وقُرْب الملائكة بذواتهم، وإنما المحذور تفسير الآية بقُرْب الربِّ بذاته.

 

4- قالوا: "ويدل عليه قوله: ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ﴾ [ق: 17]، فقيَّدَ القُرْب المذكور بتلقِّي الملكين" [16]، ولو كان المراد به قُرْب عِلْمِه وقدرته، لم يتقيَّد بوقت تلقِّي الملكين؛ فإنه في كل وقت[17].

 

المناقشة:

إن القُرْب ليس مقيَّدًا بوقت تلقِّي الملَكَينِ، والظرف في قوله: ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى ﴾ يجوز أن يكون منصوبًا بمقدَّر هو "اذكر"، فتكون الآيةُ مستقلَّةً عن الآية السابقة، والمعنى: اذكر إذ يتلقَّى المتلقيان عن اليمين والشمال قعيد [18].

 

5- أن "قوله: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16]، لا يجوز أن يُراد به مجرد العلم؛ فإن من كان بالشيء أعلمَ من غيره لا يُقال: إنه أقرب إليه من غيره لمجرد علمه به، ولا لمجرد قُدْرته عليه" [19].

 

6- أن مما يدُلُّ على أن القُرْب ليس المراد به العلم، "أنه سبحانه وتعالى عالم بما يُسَرُّ من القول وما يُجَهر به، وعالم بأعماله؛ فلا معنى لتخصيص حبل الوريد بمعنى أنه أقرب إلى العبد منه؛ فإن حبل الوريد قريبٌ إلى القلب ليس قريبًا إلى قوله الظاهر، وهو يعلم ظاهر الإنسان وباطنه" [20].

 

7- أن "ممَّا يدُلُّ على أن القُرْب ليس المراد به العلم - أنه قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 16، 17]، فأخبر أنه يعلم ما تُوسْوس به نفسُه، ثم قال: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ فأثبت العلمَ، وأثبت القُرْبَ، وجعلهما شيئينِ، فلا يجعل أحدهما هو الآخر"[21].

 

المناقشة:

إن قوله: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ ﴾ فيه تحقيق وتأكيد لمعنى العلم، وليس شيئًا مستقلًّا عنه.

 

القول الثاني: أن هاتين الآيتين من آيات الصفات، والقُرْب المذكور فيهما هو قُرْب الله عز وجل بعلمه وإحاطته لا بذاته، وممن ذهب إلى هذا القول إسحاق بن راهويه [22]، والإمام أحمد [23]، والدارمي [24]، والطبري في قولٍ له [25]، وابن الماجشون [26]، وابن جزي [27]، وأبو عمر الطلمنكي [28]، والبغوي [29]، وابن تيمية في قولٍ له [30]، وابن القيم في أحد قوليه [31]، والشوكاني [32]، والسعدي في قولٍ له، والشنقيطي [33]، وهو قول طائفة من أهل السنة من السلف، وكثير من الخلف [34]، ويُنسَب إلى ابن عباس [35].

 

"وهؤلاء كلهم مقصودهم أنه ليس المراد أن ذات الباري جل وعلا قريبة من وريد العبد ومن الميت، ولما ظنُّوا أن المراد قُرْبه وحده دون قُرْب الملائكة، فسَّرُوا ذلك بالعلم والقدرة، كما في لفظ المعية" [36]، "وأمَّا مَنْ ظَنَّ أن المراد بذلك قُرْب ذات الربِّ من حبل الوريد، أو أن ذاته أقرب إلى الميت من أهله - فهذا في غاية الضَّعف" [37].

 

قال السعدي: "اعلم أن قُرْبَه تعالى نوعان: عام، وخاص، فالقُرْب العام: قُرْبه بعلمه من جميع الخلق، وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾، والقُرْب الخاص: قربه من عابديه، وسائليه، ومُحبِّيه، وهو المذكور في قوله تعالى: ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 19]" [38].

 

القول الثالث: أن القُرْب المذكور هنا يشمل الأمرين: قرب علم الله، وقرب ذوات الملائكة، وممن ذهب إلى هذا القول ابن تيمية في قول له، والسعدي في قول له [39]، وبه قالت اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية [40].

 

قال ابن تيمية: "قوله: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ هو قُرْب ذوات الملائكة وقُرْب علم الله، فذاتُهم أقربُ إلى قلب العبد من حبل الوريد" [41].

 

المطلب الثالث: الترجيح:

بعد التأمُّل في الأقوال السابقة لأهل العلم يترجَّح القول بأن قُرْب الله في هاتين الآيتين هو قُرْبه بعلمه وإحاطته لا بذاته، ولا يمنع ذلك من أن يشمل أيضًا قُرْب ملائكته، "وقوله: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ لا يجوز أن يُرادَ به مجرد العلم"[42].

 

وممَّا يُؤيِّد هذا ما يلي:

1- أن آيات القرآن الواردة في القُرْب تشمل القُرْبَ الخاصَّ، وتشمل كذلك القُرْبَ العامَّ، ولا يُسلَّم عدمُ ورودها بمعنى القُرْب العامِّ.

 

2- أن صيغة "نحن" ليست لازمة بأن يقولها المتبوع المطاع العظيم الذي له جنود يتَّبِعون أمره؛ بل قد يقولها المتبوع المطاع الذي يفعل أمره بنفسه؛ كما قال تعالى في سورة الأنعام: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ﴾ [الأنعام: 151]، والرازق هو الله وحده، وكما قال في سورة الحجر: ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ ﴾ [الحجر: 23]، والله هو المحيي المميت الوارث، أما القول بأن قوله تعالى: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ ﴾ هو مثل قوله: ﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ﴾ [يوسف: 3]، وقوله: ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 18]؛ حيث إن الذي قصَّ وقرأ هو الملَك، فإن هذا ليس صحيحًا؛ لأن "أول الآية يأبى ذلك فإنه قال: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ﴾ [ق: 16]" [43]، وقد تعلم الملائكة ما يَهمُّ به العبد بإعلام الله لها، ولكنها لا تعلم ما تُوسوس به نفسُه، وفرق بين الأمرين.

 

3- أن سياق الآية دلَّ على أن القُرْب هنا هو قرب العلم، وذلك أن الله ذكر علمه في أول آية سورة ق، وقرن قُرْبَه بعلمه ما تُوسوس به نفسُ الإنسان؛ ممَّا يدُلُّ على أن القُرْب المذكور في الآية قُرْبُ العلم [44].

 

ولا يُعَدُّ هذا تأويلًا مذمومًا؛ لأن "السياق دَلَّ عليه، وما دَلَّ عليه السياقُ هو ظاهر الخطاب؛ فلا يكون من موارد النزاع" [45]، وذلك أن الله ذكر "في كتابه في غير موضع أنه فوق العرش، مع ما قرَنه بهذه الآية من العلم دليلًا على أنه أراد قرب العلم؛ إذ مقتضى تلك الآيات يُنافي ظاهر هذه الآية على هذا التقدير والصريح يقضي على الظاهر ويُبيِّن معناه.

 

ويجوز باتفاق المسلمين أن تُفسَّر إحدى الآيتين بظاهر الأخرى، ويُصرَف الكلام عن ظاهره؛ إذ لا محذورَ في ذلك عند أحد من أهل السنة.

 

وإن سُمِّي تأويلًا وصرفًا عن الظاهر، فذلك لدلالة القرآن عليه، ولموافقة السنة والسلف عليه؛ لأنه تفسير القرآن بالقرآن؛ ليس تفسيرًا له بالرأي، والمحذور إنما هو صرف القرآن عن فحواه بغير دلالة من الله ورسوله والسابقين" [46].



[1] مع الإشارة إلى أن كثيرًا من أهل العلم يذكرون في تفسير آية الواقعة أنها تحتمل المعنيين: قرب علم الله، أو قرب الملائكة.

[2] يُنظَر: مختصر الصواعق المرسلة للموصلي 3/ 1249.

[3] يُنظَر: تفسير الطبري 22/ 373 في كلامه على آية الواقعة.

[4] يُنظَر: مجموع الفتاوى 5/ 494، 502، بيان تلبيس الجهمية؛ لابن تيمية 6/ 30، الفوائد؛ لابن القيم ص 12، مدارج السالكين؛ لابن القيم 2/ 220.

[5] يُنظَر: الروح ص 314، مختصر الصواعق؛ للموصلي 3/ 1250.

[6] يُنظَر: فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 1/ 211.

[7] يُنظَر: شرح القواعد المثلى، ص 296.

[8] تفسير ابن كثير 7/ 398، 7/ 548.

[9] مجموع الفتاوى 5/ 493.

[10] يُنظر: مختصر الصواعق المرسلة؛ للموصلي 3/ 1251.

[11] مجموع الفتاوى 5/ 507، ويُنظَر: 5/ 512، بيان تلبيس الجهمية؛ لابن تيمية 6/ 36.

[12] مدارج السالكين 2/ 220.

[13] أخرجه البخاري، كتاب: الرقاق، باب: مَنْ هَمَّ بحسنة أو بسيئة، رقم (6491) 8/ 103، وأخرجه مسلم، كتاب: الإيمان رقم (203)، ص70، ولفظ الحديث المذكور أقرب إلى لفظ مسلم.

[14] مجموع الفتاوى 5/ 507-508.

ويُنظَر: بيان تلبيس الجهمية؛ لابن تيمية 6/ 37-39.

[15] مجموع الفتاوى 5/ 505-506، وبيان تلبيس الجهمية؛ لابن تيمية 6/ 33-35.

[16] الفوائد؛ لابن القيم، ص 12.

[17] يُنظَر: مجموع الفتاوى 5/ 504، 6/ 19، ومختصر الصواعق؛ للموصلي 3/ 1250.

[18] يُنظَر: المحرر الوجيز؛ لابن عطية 6/ 182، وفتح القدير؛ للشوكاني 7/ 29.

[19] مجموع الفتاوى 5/ 503.

[20] مجموع الفتاوى 5/ 504.

[21] مجموع الفتاوى 5/ 504.

[22] يُنظَر: الإبانة؛ لابن بطة، تتمة الرد على الجهمية رقم (118)، 1/ 161، سير أعلام النبلاء؛ للذهبي 11/ 370.

[23] يُنظَر: الإبانة؛ لابن بطة، تتمة الرد على الجهمية رقم (116)، 1/ 160، إبطال التأويلات؛ للفراء رقم (286)، 2/ 289، طبقات الحنابلة؛ لأبي يعلى 1/ 61، حادي الأرواح؛ لابن القيم 1/ 99.

[24] يُنظَر: نقض الدارمي على المريسي 1/ 448.

[25] يُنظَر: تفسير الطبري 21/ 422, 22/ 385.

[26] يُنظَر: مجموع الفتاوى 5/ 500.

[27] يُنظَر: التسهيل؛ لابن جزي 2/ 364.

[28] يُنظَر: مجموع الفتاوى 5/ 501، وبيان تلبيس الجهمية؛ لابن تيمية 6/ 27.

[29] يُنظَر: تفسير البغوي 1/ 204، 7/ 358، 8/ 25.

[30] يُنظَر: مجموع الفتاوى 4/ 253، 5/ 122، 5/ 227.

[31] يُنظَر: الفوائد، ص 12، ومدارج السالكين 2/ 220.

[32] يُنظَر: فتح القدير؛ للشوكاني 5/ 92، 199.

[33] يُنظَر: تفسير أضواء البيان؛ للشنقيطي 7/ 687.

[34] يُنظَر: مجموع الفتاوى 5/ 500.

[35] يُنظَر: بيان تلبيس الجهمية؛ لابن تيمية 6/ 30.

[36] مجموع الفتاوى 5/ 502، بيان تلبيس الجهمية؛ لابن تيمية 6/ 30.

[37] مجموع الفتاوى 5/ 505.

[38] تفسير السعدي، ص 384-385، 805.

[39] يُنظَر: تفسير السعدي، ص 836.

[40] يُنظَر: فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 3/ 148، ومجلة البحوث الإسلامية 39/ 103، ووقَّع على هذه الفتوى المشايخ: ابن باز، وعبدالرزاق عفيفي، وابن قعود، وابن غديان.

[41] مجموع الفتاوى 5/ 129، 236.

[42] بيان تلبيس الجهمية؛ لابن تيمية 6/ 31.

[43] مدارج السالكين 2/ 221.

[44] يُنظَر: مجموع الفتاوى 5/ 501، 6/ 20، وبيان تلبيس الجهمية؛ لابن تيمية 6/ 27، ومدارج السالكين 2/ 220.

[45] مجموع الفتاوى 6/ 20.

[46] مجموع الفتاوى 6/ 21.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها (3)
  • سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها (4)
  • سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها (5)
  • إني جاعل في الأرض خليفة (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "6")
  • ثم استوى إلى السماء (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "8")
  • يأتيهم الله في ظلل من الغمام (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "10")
  • فثم وجه الله (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "11")
  • يوم يكشف عن ساق (سلسلة آيات العقيدة المتوهم إشكالها "13")

مختارات من الشبكة

  • تفسير: (وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ونحن الوارثون (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • { صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون }(مقالة - موقع أ. د. فؤاد محمد موسى)
  • تفسير قوله تعالى: { صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التقيت حبيبتي القديمة ونحن متزوجان(استشارة - الاستشارات)
  • من نحن؟ من نحن؟ (قصيدة)(مقالة - موقع أ. محمود مفلح)
  • زوجة أخي متحررة ونحن أسرة محافظة(استشارة - الاستشارات)
  • عاد بعاث ونحن في العثاث!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب